يقول الغيطاني والحق ما قال!!!

.....من كتاب"التجليّات"لجمال الغيطاني/السفر الأول ص135/مجلد/طبعة دار الشروق..
تحتَ عنوان"خاطرة":-

..الموتُ موتان،موتٌ أعظم وموت أصغر،أما الموت الأعظم فيتمثّل في السكوت على الجور،والتغاضي عن الزيف،وإخماد الضمائر،وغض البصر عن الحق المهضوم والتشاغل عنه بطلب المنصب الزائل،والمال المكتنز،كذا الرضا بالأمر الواقع،والنأي عن محاولة تغييره،والتقاعس عن الجهاد،أما الموت الأصغر فهو بطلان الحواسّ،وتوقّف الأنفاس،وهجوع القلب،وبرودة الجسد عند مفارقة الروح ويبوسة الأطراف..
تعقيبي:-

..أناشدك يا سيّدي كاتب تلك الكلمات إلا ونظرتَ إلى ساحة الذوق،فهل يرضيك أن يُركل الشعر العربيّ بأقدام عرجاء مجنونة؟؟،وهل يرضيك أن يمسخ النوع الأدبيّ للتحذلق؟؟!..إني أضمّك إلى "مجمع الأصالة"لكونك تطلق على كل نوعٍ اسمه،فكتاب "التجليّات"وليس رواية؛ولوأنها نوع تجريبيّ شديد الخصوصيّة..وأنا لأعلم أن كتب الخواطر هى من نفس نوع تجربتك الأصيلة..ولو كان أحد المتشدقين لقال هى رواية،والرواية تبادر للذهن مدلول الحكاية،والحكاية كما أبدعتَ في مجالها الإبداعيّ بأصالةٍ وابتكارٍ فذٍّ في:الزيني بركات..وحكايات جلبي السلطان،وقصصك القصيرة الفذّة..وخططك المتفرّدة.دلائل على الخير،ونشدان المعرفة،والعوم إلى شواطئ المتعة...
سيدي..من الموت الأعظم..كما قلتَ سالفاً:التغاضي عن الزيف وإغماض الحق..وإنه لمن إغماض الحق وإزهاقه أن ندّعي بأشياء ليست من ذوقنا لنهدم بقايا هويّتنا السليبة..وأروقة عمادنا الريّانة..وأن نقف مشجّعينَ للخواء،وإفلاس الذوق،وإعدام جهادنا للتميّز والوصف بميسم الحضارة؛التي من شأنها أن نكونَ،لا ليكوّننا غيرنا ونُطبع بميسمهم،وأن نبارح أرجاءنا للننزوي في جهلٍ مقيتٍ..وان نفرح بدعوات"الحداثة"وما بعدها.والتفكيك والترميز"غير الفنّيّ"..وأن نعد القول مرتبة في العبث الشديد"نقداً وإبداعاً"...
إفلاس في الموهبة،تدهور في الإتصال بين الكاتب والمتلقّي،انعدام الشخصيّة الثقافيّة العربيّة..حتى غدا"المترجم "مبدعاً وله الدور الأسمى؛بعد أن كان أداة للتواصل مع الآخر لا الإنهزام تحت عجلته..وبتنا-وللأسف- على صفحات جريدتكم(أخبار الأدب)ننظر بعين الحب والإحترام لكل ما هو دخيل،وما هو"عاميّ"..وما هو عبثيّ..ولا ألمح جدّيّة الموهبة ونموّ الذوق،فهل هذا شأن العصر؟؟!...أم أننا نحن المفسدون المنهزمون؟؟!!..ولا حيلة لنا في كل ذلك..ولا ضمير يقف ليثبت الدعائم،أين نحن أيها الكاتب العظيم الذي أحترمه ما احترم الأمة وعراقتها وذوقها الراقي...؟؟؟!!......

باسم المعلم الأكرم
تجليات تطلق الروح من قوالب الحواس إلى فضاء يعمر بالنور حتى إذا استوى البيان وحان قطافه على كف رؤيته تهاوت عروشه ودكت حصونه تحت مغريات ومفاسد تجلب نفعا آنيا أو تبعث القبور من أكفان التغريب مشخصة تدب في قلم توعكت منه صحاف وتجشأته بعد مراد أوراق وصحائف سود ، ليصبح أو يمسي فكر الكاتب محنطا في قالب الشذوذ عن مألوف الظرف ومستجده والذائقة مستعمرة بين يدي سطوته ظنا منه أو تلوكه الشكوك وعلى قارعة الحقيقة يبقى ، متمرغا بالذنب إن كان لديه بصيرة أو ألقى السمع وهو على ممحاته شهيد ،وما بين غربتين يحيا أو يعيش مترعا بالندم ضاربا في صحارى مشيته خطا العودة لمضارب الروح الأولى يصفد شياطين الحرف عن التماهي ـ والتمادي ديدنه ـ في مدلهمات التغريب فلا هو بالمستطيع ردها لعقلنة المطلوب ولا هي ـ شياطينه ـ تطأطئ جنحا وتستبق الفضاء إلى حيث تأهله النجوم بأهداب الأصالة .
تلك مقامات تأبى النور عنها ، وبيد الشمس منها نتف تقطر حسرة على بصائر تهذر غيوما وتهدر نعوتا للحداثة عن بعد حق هي ، ما بين تخلف تجذر فينا فكرا وتسلق جدران الآتي بأقلام أتربتها ابتسمات التشجيع للحاق بقاطرة التقدم فباتت تحت عجلة الفوضى أسنتها .

رد على ما قال جمال الغيظاني وعين الحق ما قال :
ما الذي يجعل الأديب أو الشاعر -روح جمال الأمة ورمزها -يستكين إلى الزيف والسكوت عن الظلم وطلب المناصب والثروة ...وما الذي يجعل الآخرين يسكتون ،أهو التواطؤ أم الجبن .الموت موتان :موت أعظم وموت أصغر.....عن أي موت نتحدث ، موت الفرد أم موت المجتمع ،موت الكاتب أم موت القارىء. المجتمع لا يموت فجأة كالإنسان ( الذي يعيش ميتا بين موت أعظم وموت أصغر ) بل المجتمع يفقد تدريجيا جوهر أصالته ليصبح شكلا من المظاهر الهجينة .وليس غريبا أن تساهم الصحف في نشر العبث والتغريب بإسم الحداثة أو الإنفتاح ،حياتنا في أصالتنا المنتجة والمتفاعلة التي يجب أن نمنحها بعدا كونيا وليس في أصالة مستهلكة خانعة، أومستوردة فنمنحها بعدا وطنيا.