قصيدة انا اسف اني

الصديق والأخ/هاشم فتحي
سلام من الله عليك ورحمته وبركاته

والله يا اخي لم نخترك عبثاً ،ولم تأتِ مجمعنا بمحض الصدف،لقيتُ فيك مبدعاً مذ كنا بالجامعة يريد أن يقول ويجيد..لك صوتك الدافئ..وستأتي في مشوارنا..ولكن أرى تعتيمات قصيّة تفز في عمق القصيد..
استعاراتك جميلة وخاصة حد الروعة..بيانك مقتضب في بعض الأحيان؛بمعنى:أن الصور المرسومة قد تفسدها العلاقات بينها وبين بعضها البعض..ولا أقصد من كلامي هذا أن البيان ككل بل الإبداع ينطق بألسنة حداد في القصيد،ولكن:

أنا آسفٌ أني نكأتُ الجُرحَ
في سنةِ المشاعرْ

هنا صورة تريد التوضيح..واستعارة تريد التنويه برؤيتك فيها،فكما وبمنهج الأصالة يلزم المقصودية والنقد عن طريق الشاعر،ولن نعطي نصه أكثر مما باح به قائله كبعض الهامشيين في كل مكان..فإذاً هل أن الأسف هو أن تنكأ الجرح في سنة المشاعر؟؟أو الأسف من أنك نكأت الجرح في سنة الجمود والجفاف والإهمال؟؟!!
عندك يا هشام وفرة في عدم ضبط الاستعارات..مع إنها قد تأتي بثمارها المرجوة..وما أقوله هذا لأني أرى فيك خامة طيّبة أصيلة واعية..نريد لك الوضوح والمتانة لا التفذلك والتخبّط.
نعم قد يريد الشاعر مساحةً أوسع للبوح بكل ما يحمله صدره..ولكن الأصاليّ العتيد هو من يستخدم حقه هذا صحيحاً لا يأتيه العوج من بين يديه ولا من خلفه..
//
أنا آسفٌ أني
محوتُ الرسمَِ من كلِ الدفاترْ
وهى ذيك من شواهدنا على أولوية النظر في الإستعارة والكناية وأدوات المخيّلة الذوقية ككل..فهل من الموجب أن نطرّز جملاً وصوراً دون الوعي بأهميتها في السياق؟؟..نريد أن ننهض بحسك الدافئ هذا يا هشام..
وأيضاً لقد أبدعت على بحر الكامل ..وجعلت التفاعيل لها بهاء أصيل ناهض ..وقد رعيتها بعناية وثقة رائعتين..ولكن لم تسلم من هنة عروضية هنا وهناك..ولكن في المجمل أبدعت في الخوض في هذا البحر العنتريّ التليد الذي يحمّس ويقصّ ويرفل ويشاحن..
بقى الخاتمة التي قتلت القصيد"الفجر والصبح المبين"..إنه حشو في غير طائل..وقد قلنا ان البلاغة الحقة تقول: وكل لبيب بالإشارة يفهم..وأنت قررت رغم حجم الأسف وسيل الدموع الماضية والسفر ..ورغم أن"لوجدتني.."وهى مخاطبة المفرد في حين خطابك للمجموع والحشد ممن خاطبته بعد ذلك ..توحي بالسفر..إلا أن الخاتمة جاءت للإيحاء بالإنتهاء من القصيد..وهذا أسف على مجهودك..لأننا نخوض حرباً ذوقية مع الحداثيين..فخاتمتك توحي بسذاجة الناظم الذي يريد الإنتهاء وكنا نفعل ذلك في بداية علاقتنا بالنظم الشعريّ ..
//
أخي هاشم تعلم حجم ما أكابده من تجميع وتنسيق نظرية الأصالة..وتعلم أن نقدي في الأعلى هو مقدار حبي واعتزازي بنهوضك وألمعيتك..ولو أني أختار أي واحد لاكتظ المجمع عن بكرة أبيه بالأشباه والتوافه..ولكنا نريد الجاد الذي لا تخجله كلمة تعلي من شأنه في مقبل الأيام..إننا نود الباقي يا هشام ولا نريد الزائل؛لأن الزبد فيذهب جفاء..
انر الطريق والبوح بياناً ..وأنت قادر..اضبط الإيقاع..حتى تثملنا..والأصالة تريد أمثالك وتريد المزيد نضوجاً ووعياً..
لك قلب أخيك..
وبليد صابر شرشير/برج البرلس