من نحن؟/رئيس مجمع الأصالة

الجهد غير المثمر ..يا للخسارة!!!!

وفقنا الله تعالى فبتنا نتعلم اللغات وننقل...وتتحقق الأماني!،نعم كان لابد أن تتحقق الأماني طالما ان النقل يدور ليل نهار..وطالما كان المترجمون دائبين ومتسابقين في نقلنا نقلةً نوعيةً!!بل وإحداث طفرة في عالم الجهل المطبق(الذي هو عالمنا!!)..وعلينا بعد هذا الإسداء العظيم ان نرفعهم في أعلى مكانة وننحت صورهم على جبال العلا!!!!..

فمتى كنا ناقلين أصبحنا في الطليعة..ولتكن منا أيادٍ تتلقف المترجمات..ومان نناقش ونتاثّر ،وأن نترجم الغث الذي ينتجه (مبدعونا)ذوو الحداثة والنضال الذوقيّ المفتنّ(المظلم)،ونعمَ النقل والسباق الجهنميّ؛فليس عندنا عقل فيبتكر ..بل إن الإزدهار يأتي إثر المنقول وتدار بعده عجلة التقدم،فالذوق يجب أن يتم التنظير له من الخارج،وأسس النقد يجب أن تُنقل نقلاً منقولاً!!،والفكر يُسطر في الغرب ونحن نقرأه ونتسابق في العمل بغاياته وأسسه،نعم وتقام لنا المؤتمرات،ونتوسّم بالظرف والكياسة،ويكون المترجم ليس وسيلة للتعارف على آداب الآخرين وفكرهم بل هو (حداثيّ)وهو أداة هدم وتغييب ومحو وإبطال وتركيع!!!
**
عندما نفكر في أمر الترجمة تاريخياً وابتداءً في أمتنا نقول بأنها كانت مقتصرة في العهد العباسيّ على نقل العلوم الفلسفية والطبية والجغرافية..وتم نقل عمل ذوقيّ وهو (كليلة ودمنة)على يد عبد الله بن المقفع..وكان المفروض في ذلك الحين أنّ النقل يحتاجه أهل الصناعة الجدلية من المتكلمين المعتزلة لمعرفة المنطق وبعض القضايا والمقارنة بين طرقهم وذلك الفكر الوافد؛وكان الفكر اليونانيّ المنطقيّ(لأرسطو)لا يخالف الذوق العام إذ هو من فطرة الإنسان دون ترّهاته الأخرى،ولم يتطرق البحث عن ترجمة أصول النقد وخلافه إلا في عصور متأخرة وبحساب وتقنين ..ليس كما يفعل عبقريونا من النقلة ذوي السمعة الآن!!..
وحتى حينما تم ترجمة (تلخيص)لكتابي الشعر والخطابة على يد ابن رشد الأندلسيّ يظهر فيه ان ذوقه هو الغالب ولم يتأثر بأسس أرسطو إلا بمقدار،فالشعر وتعريفه هو هو الشعر كما نضج في البيئة العربيية،والقضايا في اللفظ والمعنى هى هى ومتداولة من قبل لغويينا وبلاغييينا الفحول؛وذلك يُظهر جلياً مدى اعتزاز وفخر العربيّ بذوقه الناضج الذي لم يتأثر بالآداب الأخرى بقدر ما أثر هو في آداب الفرس والروم.
**
طبعاً ما سبق هو عجالة وليس استقراءً عاماً وإنما استقرأنا ذلك التاريخ القيّم لمضامين النقل أو بصيغة أخرى حيثيات الترجمة..ولكن ما إن يظهر العصر الحديث برفاعة الطهطاوي وسلامة موسى وطه حسين والعقاد والمازني وما بعده إلى الآن حتى نجد أن الحابل اختلط بالنابل،وضربت على الأعين غشاوة الحسّ الذوقيّ،وخُلِبَ الذهن اختلاباً بالغرب حتى سكرت الحواسّ وتقزّم العقل وانحدر،وحتى بات النقل عن الآخر هو السموّ والتقليد باب عظيم،والتاريخ يتفاجأ باحتلال الأرض والعقل بل والقلب،وانقسمت الشيع وتحزبت الأحزاب وامتقعت الرؤية ودبّ الويل ..!!
نعم أمتنا تريد نقلاً ولكن ليس إلى الحد الذي يجعلنا في تماهٍ مستمر،وليس بقدرٍ يرمينا في متاهات الأخذ،وبأسلوب لا يجعلنا عالة ومضغة تبصقها الأفواه!،وبقدر لا يجرح كبرياء الأمة وتاريخها العظيم..نعم نريد كتباً تجعلنا في قلب الحدث،مثل نقل كتب عن السياسة والعلم ،وكل ما سبق بأسس سنبينها إن شاء الله ،أما الذوق والنقد والنقل منا أو إلينا دون أسس ومنهج فهذا مرفوضٌ بلا جدال ؛لأنه يمسي جهد الهباء،وزراعة دون أمل في الثمر بل هى للجدب والإمحال والقحط والتصحر ..وما شئتم من معجم القحط فهو غنيّ..!!
لكي نربح أنفسنا نريد مترجمين على وعي سليم بما يُحاك،يؤمنون بنظرية الأصالة في خير الأمة،ينشطون في ترجمة ما يُظهرنا بشكلٍ مميّز(إبداعات وفكر الأصالة..والفكر الأصاليّ)،يعون كيف تتم النهضة،لا ينقلون قمامة الأفكار طالما كانت من الغرب،ولا يكونون مبشرين لإعلاء الآخر وتقزيم الأمة..
وبعد فهناك أسس سنعدها لتكون أيها المترجم أصاليّاً،وإذا أتيت الأصالة فاعلم بأنك تطلب المطلب الأسمى،وستربح وتكون بصمتك مطبوعة في فؤاد الأمة لا تُمحى..

وليد صابر شرشير/برج البرلس جمادى الأولى1430 -16مايو2009